الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة رياضيون إرتدوا جلباب الإرهاب فتحوّلوا من صانعين للفرجة والفرحة إلى مُرعبين للعباد !

نشر في  30 أفريل 2014  (15:19)

بعد ظاهرة الحرقان التي استشرت في صفوف شبابنا بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة بسبب الظروف الإجتماعية الصعبة التي يعيشونها، برزت بعد الثورة ظاهرة أكثر خطورة وأشدّ قسوة وهي ما يسمّى ب «الجهاد» في سوريا.. في الظاهرتان لم تخلّفا سوى اللوعة والحرقة والنهاية المأسوية للعديد من الشبان، لكن الإختلاف بينهما يتمثل في أن الأوّل الذي «يحرق» ويرمي بنفسه في البحر لمواجهة أمواجه العاتية إنّما يسعى من وراء ذلك للبحث عن قوته وعن مورد رزق يحميه من الفاقة والحرمان، في حين أن من يسافر إلى سوريا للإنخراط في ما يسمّى بـ «الجهاد»، يُلقي بنفسه إلى التهلكة بدعوى الدفاع عن الاسلام وتطبيق شرع الله رغم تأكيد العديد من العلماء المسلمين أن ما يحدث في سوريا لا يدخل في باب الجهاد وأن من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا..
ورغم التنديد الذي أبداه المجتمع المدني وعبّرت عنه الأحزاب السياسية وحتى القيادات الحكومية بخصوص تسفير شبابنا إلى سوريا، فإن ذلك لم يغيّر الواقع ولم يحد من الظاهرة ومن عمليات الإستقطاب والترحيل التي طالت أعدادا كبيرة من شباب لم يجد من يحضنه ويرعاه ويقيه «عصابات» الترهيب والعنف والإرهاب التي وجدت ضالتها في أبناء الطبقات الشعبية الفقيرة والمحرومة وأصحاب النفوس الضعيفة لاختراقهم وتجنيدهم مستغلة بذلك متاعبهم النفسية وهشاشة تكوينهم الثقافي والإجتماعي..
الغريب أن الظاهرة لم تقتصر على المهمشين والفقراء والبسطاء، بل امتدّت حتّى إلى الرّياضيين ولاعبي كرة القدم على غرار ما حصل مع اللاعب الشاب للنجم الرياضي الساحلي والمنتخب الوطني للأواسط نضال السالمي الذي سافر إلى سوريا لمحاربة الجيش النظامي بعد انقطاع نشاطه الكروي منذ بضعة أسابيع.. وقد نشرت العديد من الصحف «الجهادية» صور اللاعب المذكور وهو يرتدي الزي العسكري إثر إلتحاقه بجماعة «داعش» خلال شهر مارس المنقضي.
والسؤال المطروح هو كيف للاعب شاب لا يتجاوز عمره 19 سنة وينتمي للمنتخب الوطني ولناد في حجم النجم الساحلي أن يختار «الجهاد» ويتحوّل من رياضي يقدّم الفرجة والمتعة إلى الجمهور إلى قاتل يسفك دماء الآخرين؟!
وللإشارة فإن نضال السالمي ليس الرياضي الوحيد الذي ذهب إلى سوريا للقتال، بل سبقه إلى هناك العديد من الوجوه الرياضية من بينهم غيث النقاع لاعب كرة السلة بالنادي الإفريقي والذي لقي حتفه هناك صحبة العديد، ونضال السبوعي بطل إفريقيا و البحر الابيض المتوسط في التايكوندو، وناجح غابري بطل المنتخب الوطني للتايكوندو اللذان أعلنت عنهما صفحات الفايسبوك السلفية الجهادية، بما يجعلنا نصاب بالصدمة والذهول نتيجة إصرار عدد لا بأس به من الشبان بمن فيهم رياضيون للإنضمام إلى المجموعات المسلّحة رغم الأخطار الحقيقية التي تحدق بهم، دون أن نلمس أو نلاحظ إجراءات أوتحرّكات من السلطة لمحاصرة الظاهرة بالحزم المطلوب ووضع حد لسفر التونسيين إلى سوريا، فنحن لم نسمع عن قوانين صارمة تطبّق على كل من يفكر في الالتحاق بهذه المجموعات المسلحة، والحال أن العديد من الدول الأخرى اتّخذت إجراءات صارمة بخصوص هذا الملف على غرار بريطانيا التي أطلقت حملة توعية لحماية شبابها من السفر للقتال في سوريا، بعد أن قدرت وسائل الإعلام عددهم هناك بنحو 700 بريطاني. وهي حملة تهدف إلى حث العائلات للابلاغ عن أفرادها الذين يعتزمون التوجه إلى هناك لمنعهم من السفر.
من جهتها كشفت الحكومة الفرنسية النقاب عن خطة جديدة تتضمّن تدابير لمنع الشباب الفرنسي من التوجه إلى سوريا للإنخراط فى الجهاد. وهي خطة تتمثّل فى المقام الأول في العمل على رصد وبشكل مبكر الشباب الذين يرغبون فى السفر إلى سوريا لمحاربة قوات النظام، كما تركز وإلى حد كبير على التوعية بمخاطر التطرف إلى جانب إعادة التنشئة الإجتماعية للشباب، كما سيتم بالمناسبة تكثيف التعاون مع الدول الأوروبية وبالخصوص منطقة الفضاء الأوروبي الموحد »شنغان» وإعادة فرض الحصول على إذن مغادرة من ولي الأمر بالنسبة للقاصرين عند السفر ومغادرة البلاد. وقد اتخذت هذه الإجراءات بعد أن كشفت الحكومة الفرنسية على أن ما يقرب عن 700 من الشباب الفرنسيين موجودون حاليا فى صفوف الجهاديين في سوريا.
من جهتها أصدرت المملكة العربية السعودية أمرا ملكيا يقضي بمعاقبة كل من يشارك في “اعمال قتالية” خارج المملكة بالسجن ما بين ثلاث سنوات وعشرين سنة، كما تطال العقوبة كل من يؤيد الجماعات “الارهابية” او يتبنى فكرها او الافصاح عن التعاطف معها، بأي وسيلة كانت، او دعمها ماليا او التحريض على الدعم، او التشجيع عليه او الترويج له بالدعم او الكتابة.وتفيد المعلومات المتوفرة ان هناك ما يقارب عن العشرة آلاف سعودي يقاتلون حاليا في سوريا تحت لواء جماعات جهادية، وان عددا كبيرا منهم لقي حتفه، ومعظم هؤلاء ذهبوا الى القتال بتحريض من رجال دين عبر فضائيات سعودية، لذلك تخشى السلطات من عودة هؤلاء الى المملكة وتوجيه بنادقهم، وتوظيف «خبراتهم» في القتال ضدها، ونشر فكر هذه الجماعات في اوساط الشباب.
هذه بعض الأمثلة التي تبرز التحرك الغربي والعربي لتطويق الظاهرة ومقاومتها في حين لم نسمع أكثر من الشجب والإستنكار في تعامل السلطات التونسية معها والحال أن التونسيين الذين يحاربون في سوريا يعتبرون الأكثر عددا حسب تقارير صحفية مقارنة بجنسيات أخرى.
الأحزاب السياسية تتناحر من أجل الكراسي وشباب تونسيون يموتون يوميا في سوريا بدعوى الجهاد و نصرة إخوانهم المسلمين ومحاربة نظام بشار بعد أن تأثروا وبسرعة بما يدعيه بعض الأيمة والدعاة والشيوخ الذين حرّضوهم على الذهاب إلى سوريا لقتل الناس تحت راية الجهاد في سبيل الله في حين أن فلسطين هي أرض الجهاد الحقيقية وليست سوريا.
هذا الصمت الرهيب ولامبالاة السياسيين وأصحاب القرار ساهما في ارتفاع أعداد الشبان المتوجهين إلى سوريا عن طريق ليبيا بعد أن تم تجنيدهم هناك وتدريبهم على استعمال السلاح قبل تسفيرهم، فأصبح الجميع مستهدفا الجاهل والمثقف والعامل والعاطل والرياضي الذي لبس جلباب الإرهاب، فتحوّل من صانع للفرجة والفرحة إلى ضالع في قتل العباد، وهذه هي الطامة الكبرى.

بقلم: عادل بوهلال